للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن البلاقلاني معناه: أنه رأى الحق وأن هذِه رؤيا صحيحة ليست بأضغاث أحلام ولا من تشبهات الشيطان. يؤيده قوله: "فقد رأى الحق". أي: الرؤيا الصحيحة، وقد سلف الكلام في ذلك، وروينا في "منام الفاسي" أنه سأله عن هذا الحديث من طريق أبي هريرة فقال: صحيح، قلت: قلته، وليس على سنده غبار. فقلت: أرى صورة الرسول التي كان فيها أم أخرى شبيها بها، فأجاب بالثاني. قلت: وصورتك التي كنت بها في المدينة هي تحت التراب؟ قال: نعم، والروح روح الأنبياء خاصة، فأما ما عدا أرواحهم فخيال؛ لأنها محبوسة.

وقوله: ("من رآني في المنام فسيراني في اليقظة")، أو "كأنما رآني في اليقظة". فإن كان المحفوظ: "كأنما" فتأويله مأخوذ بما تقدم وإن كان المحفوظ "فسيراني في اليقظة" فيحتمل أن يريد أهل عصره ممن لم يهاجر إليه، ويكون الباري جعل رؤيته منامًا علمًا على ذلك بوحي إليه.

وقال ابن بطال: يعني تصديق تلك الرؤيا في اليقظة، وصحتها وخروجها على الحق؛ لأنه - عليه السلام - سيراه يوم القيامة في اليقظة جميع أمته، من رآه في النوم ومن لم يره منهم. قال: وهذا الإخبار منه عن الغيب، وأن الله منع الشيطان أن يتصور في صورته (١). وقيل معناه: يراه في الآخرة (رؤيا) (٢) خاصة في القرب منه وحصول شفاعته، ونحو ذلك حكاه النووي (٣)، وقال القزاز: يريد فمن آمن به قبل ذلك، ولم يره بكونه حينئذٍ غائبًا عنه فيكون هذا مبشرًا لكل من آمن


(١) "شرح ابن بطال" ٩/ ٥٢٧.
(٢) كذا في الأصل، ولعل الصحيح: (رؤية).
(٣) "مسلم بشرح النووي" ١٥/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>