الشيء بخلاف ما هو به ووضعه في غير موضعه، فلما رآهما في ذراعيه وليسا موضعًا للسوارين؛ لأنهما ليسا من حلية الرجال علم أنه سيقبض على يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يعني: على أوامره ونواهيه- من يدعي ما ليس له كما وضعا، حيث ليس لهما. وكونهما من ذهب والذهب منهي عنه في اليدين دليلٌ على الكذب من وجوه: وضع الشيء في غير موضعه كما سلف، وكون الذهب مستعملاً في الرجال وهو منهي عنه، ومنه يشتق الذهاب فعلم أنه شيء يذهب عنه ولا يبقى، ثم وكد له الأمر فأذن له في نفخهما فطارا عبارة أنهما لا يثبت لهما أمر، وأن كلامه - عليه السلام - بالوحي الذي جاء به يزيلهما عن موضعهما الذي قاما فيه، والنفخ دليل على الكلام وعلى إزالة الشيء المنفوخ فيه، وإذهابه بغير كلفة شديدة؛ لسهولة النفخ على النافخ، وكذلك كان أذهب الله ذينك الكذابين بكلامه.
وقال الكرماني: من رأى أنه يطير بين السماء والأرض أو من مكان إلى مكان، فإن كانت رؤياه أضغاث فإنه كثير التمني والفكر والاغترار بالأماني، وإن كانت صحيحة وكان يطير في عرض السماء فإنه يسافر سفرًا بعيدًا وينال رفعة بقدر ما استعلي من الأرض في طيرانه، فإن طار إلى السماء مستويًا لا ينعوج ناله ضرر، فإن وصل إلى السماء فبلغ الغاية فإن غاب فيها ولم يرجع مات، وإن رجع إلى الأرض أفاق. وقال ابن أبي طالب العابر: وإن كان ذلك بجناح فقد يكون جناحه مالاً ينهض به أو سلطانًا يسافر تحت كنفه، وإن كان بغير جناح دل على التعزيز فيما يدخل فيه (١).