المسلمين أو بعض الفتن دون بعض؟ وعلى الأول ما تقول في الفتن الماضية وقد علمت أنه نهض فيها من أخيار الناس خلق كثير.
وإن قلت: الثاني، فما المعني به، وما الدليل على ذلك؟ أجاب الطبري بأنه قد اختلف السلف في ذلك؛ فقال بعضهم: المراد به جميع الفتن وعليه الاستسلام ولزوم البيوت، وهي التي قال الشارع فيها:"القاعد فيها خير من القائم"، وممن قعد فيها: حذيفة ومحمد بن مسلمة وأبو ذر وعمران بن حصين وأبو موسى الأشعري وأسامة بن زيد وأهبان بن صيفي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبو بكرة، ومن التابعين: شريح والنخعي.
ثم ذكر حجتهم من طريق النظر وهو التأويل، وإن كان خطأ كالمجتهد، والواجب إذا اقتتل حزبان من المسلمين بهذِه الصفة ترك المعاونة ولزوم البيت، كما أمر الشارع أبا ذر ومحمد بن مسلمة وابن عمر وما عمل به من تقدم من الصحابة.
وقال آخرون: إذا كانت فتنة بين المسلمين فالواجب لزوم البيوت، وترك معونة أحد الحزبين، نعم يدفع وإن أتى على النفس فهو شهيد. روي ذلك عن عمران بن حصين وابن عمر وعبيدة السلماني.
وقال آخرون: كل فرقتين اقتتلا، فإن كانتا مخطئتين فعلى المسلمين الأخذ على أيديهم والعقوبة وإن كانت أخطأت إحداهما فالواجب الأخذ على الأولى ومعونة الثانية، روي ذلك عن علي وعمار وعائشة وطلحة ورواية عن ابن عمر، وقتل أويس القرني مع علي في الرجالة كما قاله إبراهيم بن سعد، وروى الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه أنه قال: ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت أني لم أقاتل