للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال آخرون: الجماعة التي أمر الشارع بلزومها هم جماعة الصحابة الذين قاموا بالدين بعد مضيه حتى أقاموا عماده وأرسوا أوتاده وردوه -وقد كاد المنافقون أن ينتزعوا أواخيه (١) ويقلبوه من أواسيه (٢) إلى (نصاه) (٣) - وسلكوا في الدعاء منهاجه، فأولئك الذين ضمن الله لنبيه أن لا يجمعهم على ضلالة، ولو كان معناه لا يجمع الله في زمن من الأزمان من يوم بعثه إلى قيام الساعة على ضلالة بطل معنى قوله: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" (٤)، وشبهه من الأخبار المروية عنه - عليه السلام -: أن من الأزمان أزمانًا تجتمع فيها أمته على ضلالة وكفر.

وقال آخرون: إنها جماعة أهل الإسلام ما كانوا مجتمعين على أمر واجب على أهل الملل اتباعها، فإذا كان فيهم مخالف منهم فليسوا مجتمعين، ووجب تعرف وجه الصواب فيما اختلفوا فيه، والصواب في ذلك كما قال الطبري: إنه أمر منه بلزوم إمام جماعة المسلمين، والنهي عن فراقهم فيما هم عليه مجتمعون من تأميرهم إياه، فمن خرج من ذلك فقد نكث بيعته ونقض عهده بعد وجوبه، وقد قال - عليه السلام -: "من جاء إلى أمتي ليفرق جماعتهم فاضربوا عنقه كائنًا من كان" (٥).


(١) جمع أخيَّة وأخيه، عودٌ يجعل في الجدار ويعرَّض ويدفن طرفاه فيه، ويصير وسطه كالعروة تشد إليه الدابة. انظر: "لسان العرب" ١/ ٤٢ مادة أخا.
(٢) جمع آسية وهي الدعامة والسارية. انظر: "لسان العرب" ١/ ٨٣ مادة أسا.
(٣) كذا بالأصل، وفي "شرح ابن بطال" نصا به.
(٤) رواه مسلم (٢٩٤٩) بلفظه، وقد سلف عند البخاري برقم (٧٠٦٧) بلفظ: "من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء".
(٥) رواه مسلم (١٨٥٢) كتاب: الإمارة، باب: حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>