للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد أقامه على فرج حرام، فيفسق، وإن لم يكن له بد من أنه لا يقبل قوله فيحكم بعلمه.

واحتج أصحاب أبي حنيفة بأن ما علمه الحاكم قبل القضاء إنما حصل في الابتداء على طريق الشهادة، فلم يجز أن يجعله حاكمًا؛ لأنه لو حكم بعلمه لكان قد حكم بشهادة نفسه فكان متهمًا، وصار بمنزلة من قضى بدعواه على غيره.

وأيضًا فإن علمه لما تعلق به الحكم على وجه الشهادة، فإذا قضى به صار كالقاضي بشاهد واحد قالوا: والدليل على جواز حكمه فيما علمه في حال القضاء، وفي مجلسه قوله - عليه السلام -: "إنما أقضي على نحو مما أسمع" (١). ولم يفرق بين سماعه من الشهود أو المدعى عليه، فيجب أن يحكم بما سمعه من المدعي كما حكم بما سمعه من الشهود.

وعند ابن أبي شيبة: اختصم رجلان إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وادعيا شهادة فقال لهما: إن شئتما شهدت، ولم أقض بينكما، وإن شئتما قضيت ولم أشهد. وعنده أيضًا، أن امرأة جاءت شريحًا بشاهد، فقال: ائتيني بآخر. فقالت: أنت شاهدي. فاستحلفها وقضى لها. وفي لفظ: جاء رجل إلى شريح يخاصم، فجاء الآخر عليه بشاهد، ثم قال لشريح: أنت شاهدي. قال شريح: أثبت الأمير حتى أشهد لك (٢). وقال الشعبي: لا أجمع أن أكون قاضيًا وشاهدًا (٣).

واحتج أصحاب مالك بأن قالوا: الحاكم غير معصوم، ويجوز أن


(١) سلف برقم (٦٩٦٧) كتاب: الحيل.
(٢) "المصنف" ٤/ ٤٤٥.
(٣) "المصنف" ٤/ ٣٦٨ من قول شُريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>