للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

والآية الثالثة قال مسروق: كان الحرث عنبا (١) فنفشت فيه الغنم. أي: رعت ليلاً. كما سلف، وهو ما قاله الهروي في "الغريبين" (٢)، وفي "الصحاح": الهمل بالتحريك يكون ليلاً ونهارًا (٣)، فقضى داود بالغنم لأصحاب الحرث فمروا بسليمان فأخبروه، فقال: نعم أقضي به وغيره كان أرفق للفريقين، فدخل أصحاب الغنم على داود فأخبروه، فأرسل إلى سليمان فعزم عليه بحق النبوة والملك (والولد) (٤) كيف رأيت فيما قضيت؟ قال: عدل الملك وأحسن، وكان غيره أرفق بهما جميعًا، قال: ما هو؟ قال: تدفع الغنم إلى صاحب الحرث فلهم لبنها وسمنها وأولادها، وعلى أهل الغنم أن يزرعوا لأهل الحرث حرثهم، فقال داود - عليه السلام -: نعم ما قضيت. قيل: علم سليمان أن قيمة ما أفسدته مثل ما يصير إليهم من لبنها وصوفها.

وقد أسلفنا (٥) أن ناقة للبراء - رضي الله عنه -أفسدت في حائط، فقضى - عليه السلام - أن على أهل الحوائط حفظها نهارًا، وأن ما أفسدته المواشي ضامن على أهلها. أي: ضمان قيمته، وهذا خلاف شرع سليمان.

فإن ترك هذا ورضيا بدفع الغنم عن قيمة ما أفسدت.

فمشهور مذهب مالك: أنه لا يجوز حتى يعرفا قيمة المفسد. ونص عليه ابن شعبان، وفي "كتاب محمد" وإن لم يعرف القيمة، وقوله تعالى:


(١) رواه الطبري ٩/ ٤٩ (٢٤٦٩٢) من طريق أبي إسحاق، عن مسروق، عن شريح.
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" ٥/ ٩٧.
(٣) "الصحاح" ٥/ ١٨٥٤.
(٤) من (ص ١).
(٥) رواه أبو داود (٣٥٦٩)، ابن ماجه (٢٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>