للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجاب ابن الطيب: إنه يجوز أن يفعل الفاعل ما لم يفعله الشارع إذا [كان] (١) فيه مصلحة في وقته واحتياط للدين، وليس في أدلة الكتاب والسنة ما يدل على فساد جمعه بين اللوحين وتحصينه، وجمع همهم على تأصيله، وتسهيل الانتساخ منه والرجوع إليه، والغنى به عن تطلب القرآن من الرقاع والعسب وغير ذلك مما لا يؤمن عليه الضياع، فوجب إضافته إلى الصديق وأنه من أعظم فضائله وأشرف مناقبه، حين سبق إلى ما (لم) (٢) يسبق إليه أحد من الأمة، وبأن اجتهاده في النصح لله ورسوله ولكتابه ولدينه وجميع المؤمنين، وأنه في ذلك تبع لله ولرسوله؛ لإخباره تعالى في كتابه أن القرآن إن كان مكتوبًا في الصحف الأولى، وأخبر عن تلاوة رسوله في الصحف بقوله: {رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)} [البينة: ٢، ٣] فلم يكن جمع الصديق مخالفًا لله ولرسوله؛ لأنه لم يجمع ما لم يكن مجموعًا، ولم يكتب ما لم يكن مكتوبًا، وقد أمرهم الشارع بكتابته، فقال: "لا تكتبوا عني شيئًا سوى القرآن" (٣) فألف المكتوب وصانه وأحرزه، وجمعه بين لوحيه، ولم يغير منه شيئًا، ولا قدم منه مؤخرًا، ولا أخر منه مقدمًا، ولا وضع حرفًا ولا آية في غير موضعها.

ودليل آخر: أن الله ضمن لرسوله ولسائر الخلق جمع القرآن وحفظه، فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)}


(١) ليست بالأصل وأثبتناها من "شرح ابن بطال" ليستقيم السياق ويتضح.
(٢) في الأصل: (لا)، والمثبت أوفق.
(٣) رواه أحمد بهذا اللفظ ٣/ ١٢ من حديث أبي سعيد الخدري وبنحوه رواه مسلم (٣٠٠٤) كتاب الزهد والرقائق، باب التئبت في الحديث وحكم كتابة العلم من حديثه أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>