للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

فيه دليل قاطع -كما قال المهلب- على خلافة الصديق [وهو قوله] (١) "ولقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه". يعني: فأعهد إلى أبي بكر، "ثم قلت: يأبي الله" (٢) غير أبي بكر، "ويدفع المؤمنون" غير أبي بكر بحضرته، وشك المحدث بأي اللفظين بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولم يشك في صحة المعنى، وهذا مما وعد به فكان كما وعد، وذلك من أعلام نبوته.

وقد روى مسلم هذا الحديث في كتابه فقال: "يأبي الله ويدفع المؤمنون إلا أبا بكر" (٣).

فإن قلت: فإذا ثبت أن الشارع لم يستخلف أحدًا، فما معنى ما رواه إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: رأيتُ عمر - رضي الله عنه - وبيده عسيب وهو يجلس الناس، ويقول: اسمعوا لخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا خلاف لحديث ابن عمر؟

فالجواب: أنه ليس في أحد الخبرين خلاف للآخر، ومعنى قول عمر: إن أترك فقد ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يعني: ترك التصريح والإعلان بتعيين شخص ما وعقد الأمر له، وأما قول عمر: اسمعوا لخليفة رسول الله. فمعناه: أنه استخلف عليهم أبا بكر بالأدلة التي نصبها لأمته أنه الخليفة بعده، فكان أبو بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لقيام الدليل على استخلافه، ولما كان قد أعلمه الله أنه لا يكون غيره،


(١) ليست في الأصل وأثبتناها من "شرح ابن بطال" لأن السياق يقتضيها.
(٢) كذا في الأصل، و"شرح ابن بطال" ٨/ ٢٨٢.
(٣) "مسلم" (٣٢٨٧) كتاب: فضائل الصحابة. باب: من فضائل أبي بكر الصديق.

<<  <  ج: ص:  >  >>