للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم (١) أي: كيف لا يقصر على الوجيز وترك الفضول، قال الداودي: ومما آتاه الله من جوامع الكلم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: ١٩٩] فدخل في هذه جميع الأمر والنهي، وقبول الفرائض ومراعاتها، وكانت الأنبياء لا تطنب، وإنما تقول جملًا تؤدي بها ما أمرت به وتبلغ بها ما أرادت، وتوضح بها ما احتيج إلي إيضاحه.

فصل:

("آمن عليه البشر"). أي: صدقت بتلك الآيات؛ لإعجازها لمن شهدها، كقلب العصا حية، وفرق البحر [لموسى] (٢)، وكإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى لعيسي - عليه السلام -.

"وكان الذي أعطيت أنا وحيًا أوحاه الله إليَّ" فكان آية باقية دعي إلى الإتيان بمثله أهل التعاطي له، ومن نزل بلسانه، فعجزوا عنه ثم بقي آية ماثلة للعقول إلى من يأتي إلى يوم القيامة، يرون إعجاز الناس عنه رأي العين، والآيات التي أوتيها غيره من الأنبياء قبله رئي إعجازها في زمانهم، ثم لم تصحبهم إلا مدة حياتهم وانقطعت بوفاتهم، وكان القرآن باقيًا بعد نبينا تحدى الناس إلى الإتيان بمثله، ويعجزهم على مرور الأعصار، فكان آية باقية لكل من أتى؛ فلذلك رجا أن يكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة، ثم إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد ضمن هذه الآية أن لا يدخلها الباطل إلا يوم القيامة بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩] وضمن نبينا بقاء شريعته وإن ضيع بعضها [قوم] (٣) بقوله: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من


(١) انظر: "الصحاح" ٦/ ٢١٩٤ مادة (لحن).
(٢) ليست بالأصل، والمثبت من "شرح ابن بطال".
(٣) ليست بالأصل، والمثبت من "شرح ابن بطال".

<<  <  ج: ص:  >  >>