للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإيجاب؛ لأنه علق الأمر بمشيئتنا واستطاعتنا، وألزمنا الانتهاء عما نهى عنه فوجب حمل النهي على الوجوب دون الأمر (١). ورده ابن الطيب، وقال: التعلق به غير صحيح ومعنا قوله: "فأتوا منه ما استطعتم" إذا كنتم مستطيعين، وقد (يأمر) (٢) بالفعل الذي نستطيعه علي سبيل الوجوب كما يأمر به على الندب، ولا يدل عل أنه ليس بواجب، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، ولم يرد به (ندبنا) (٣) إلى التقوى دون إيجابه، ومعنى الآية والخبر: أن اتقوه إذا كنتم سالمين غير عجزة

قادرين، ولم يرد أنه لا يؤمر إلا من قد وجدت قدرته على الفعل كما قالت القدرية (٤).

قال المهلب: من احتج بهذا الحديث أن النواهي أوجب (من) (٥) الأوامر فهو خطأ؛ لأنه - عليه السلام - لم ينه بهذا الحديث عن المحرمات التي نهى الله عنها في كتابه، بأن حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وإنما أراد فإذا نهيتكم عما هو مباح لكم أن تأتوه، فإنما نهيتكم رفقًا بكم، كنهيه عن الوصال إبقاء عليهم، وكنهيه عن إضاعة المال لئلا يكون سببًا لهلاككم، ونهيه عن كسب الحجام وعسب الفحل تنزهًا واعتلاءً عن الأعمال الوضيعة، وأما الأمر الذي أمرهم (أن يأتوا) (٦) منه ما استطاعوا فهو الأمر من التواصي بالخير والصدقات


(١) انظر: "مشكل الآثار" للطحاوي ١/ ٢٤ - ٢٦، "المستصفى" ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٢) بالأصل: (أمروا) والمثبت من "شرح ابن بطال" وهو أنسب.
(٣) بالأصل (نادينا) غير منقوطة.
(٤) انظر: "شرح ابن بطال" ١٠/ ٣٣٦.
(٥) من "شرح ابن بطال".
(٦) في الأصل: (الذي أتوا) والمثبت من "شرح ابن بطال" وهو أنسب للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>