حين سئل عن هذا قال:"الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة"(١).
وفيه وجه آخر: قال المهلب: قوله: " صريح الإيمان". يعني به: الانقطاع في إخراج الأمر إلى ما لا نهاية له، فلا بد عند ذلك من إيجاب خالق لا خالق له؛ لأن المفكر يجد المخلوقات كلها لها خالق يؤثر الصنعة فيها والحدث الجاري عليها، والله تعالى بهذه الصفة لمباينته صفات المخلوقين، فوجب أن يكون خالق الكل، فهذا صريح الإيمان لا البحث الذي هو من كيد الشيطان المؤدي إلى هذا الانقطاع؛ ليحير العقول، فنبه - عليه السلام - علي موضع كيده وتحييره.
قال غيره: وإن وسوس الشيطان فقال: ما المانع أن يخلق الخالق نفسه، قيل له: هذه وسوسة ينقض بعضها بعضًا؛ لأن بقولك يخلق فقد أوجبت وجوده، وبقولك: نفسه قد أوجبت عدمه، والجمع بين كونه موجودًا ومعدومًا معًا تناقض فاسد؛ لأن من شرط الفاعل تقدم وجوده على وجود فعله، فيستحيل كون فعله فعلًا له؛ لاستحالة أن يقال: إن النفس تخلق النفس التي هو هو، وهذا بين في كل هذه الشبه وهو صريح الإيمان.
فائدة:
ذكر القاضي في "طبقات المعتزلة": أن الرشيد لما منع من الجدال في الدين كتب إليه ملك السند إنك رئيس قوم لا تنصفون وتقلدون الرجال وتعاقبون بالسيف، فإن كنت علي ثقة من دينك، فوجه إليَّ من أناظره، فإن كان الحق معك نتبعه، وإن كان معي تتبعني، فوجه إليه الرشيد بعض القضاة، وكان عند ملك السند رجل من الشمسية،