للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمير (١)، وكان السلف يخافون تعجيل حسناتهم.

فصل:

قد أسلفنا في أوائل الاعتصام خلافًا في أن أفعاله الواقعة موقع القرب لا على وجه البيان والامتثال، هل هي للوجوب أو الندب أو الوقف، وأن القاضي أبا بكر بن الطيب قال: بالوقف، واحتج له بأنه لما كانت القربة الواقعة محتملة لكونها فرضًا ونفلًا لم يجز أن يكون الفعل منه دليلًا على أننا متعبدون بمثله لا على كونه واجبًا علينا دون كونه نفلًا؛ لأن فعله مقصور عليه دون متعد إلى غيره، وأمره لنا ونهيه متعديان إلى الغير، والفرض فيهما امتثالهما فافترقا.

وحجة من قال بالوجوب حديث الباب حيث خلع فخلعوا نعالهم، ثم أمرهم (٢) عام الحديبية بالتحلل فوقفوا، فشكى ذلك إلى أم سلمة، فقالت له: اخرج إليهم واذبح واحلق. ففعل ذلك، فحلقوا وذبحوا اتباعًا لفعله (٣)، فعلم أن الفعل آكد عندهم من القول، وقال لأم سلمة حين سألتها المرأة عن القبلة للصائم: "ألا أخبرتيها أني أقبل وأنا صائم" (٤). وقال للرجل مثل ذلك، فقال له: إنك لست مثلنا. فقال: "إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله" (٥).


(١) سلف برقم (١٢٧٦) من قول خباب بن الأرت.
(٢) في هامش الأصل: لعله وأمرهم.
(٣) سلف برقم (٢٧٣١) كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد.
(٤) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٢/ ٩٤.
(٥) رواه مسلم (١١٠٨) كتاب: الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته.

<<  <  ج: ص:  >  >>