فدل هذا أن للأسوة واقعة إلا ما منع منه الدليل، ويدل على ذلك لما نهاهم عن الوصال قالوا: إنك تواصل. قال:"إني لست مثلكم، إني أطعم وأُسقى"(١). فلولا أن لهم الاقتداء به لقال لهم: وما في مواصلتي ما يبيح لكم فعل ذلك وأفعالي خصوصية بي، فلم يقل لهم ذلك، ولكن بين لهم المعنى في اختصاصه بالمواصلة وأنهم بخلافه فيه، كذلك خص الله الواهبة أنها خالصة له دون أمته، ولولا ذلك لكانت مباحًا لهم.
وقال الداودي: أفعاله على الوجوب حتى يقوم دليل على تخصيص شيء منها بندب أو جواز، قال: واختلف في هذا: فقال بعضهم: وأدناه الجواز فهو عليه حتى يقوم دليل على عمومه، وقيل: إنما يجب أن يقتدى به من أفعاله ما كان بيانًا لشيء من الفرائض، وقيل: القول منه آكد من الفعل، وذلك كله واحد؛ لقوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} الآية [النور: ٦].