للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تطهير الكلب حيًّا وإباحة سؤره بما ذكره من هذِه الأخبار وهي -لعمري- صحيحة، إلا أن في الاستدلال بها على طهارة الكلب نظرًا، وتبعه على ما نحاه البخاري ابن بطال في "شرحه" فقال: ذكر في الباب أربعة أحاديث في الكلب، وغرضه في ذلك إثبات طهارة الكلب وطهارة سؤره، ووجه النظر أن غسل الإناء من شربه يجوز أن يكون لنجاسته، وأن يكون تعبدًا (١)

ويترجح الأول برواية مسلم: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب" وهي على شرطه أيضًا، وروايته أيضًا: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات" (٢).

وأما غرف الماء فليس فيه أن الكلب شربه من الخف، أو قد يجمع بأن يكون غرفه به ثم صبه في مكان غيره، وعلى تقدير أن يكون شرب منه لا يلزمنا الأخذ به؛ إذ كان هذا في شريعة غيرنا على ما روي عن أبي هريرة، وشرعنا قتل الكلاب على خلاف فيه إلا ما رخِّص في إمساكه، ولا يلزم من إقبالها وإدبارها فيه طهارتها.

نعم؛ سيأتي فيه أنها كانت تبول فيه، وابن وهب يرى بطهارة بولها، وكأن الحديث إنما سيق لترددها فيه، ولم يغلق، وعساها كانت تبول ولم يعلم موضعه، ولو علم لأمر بصب الماء عليه، وقد أمر به في بول الأعرابي وبول ما سواه في حكم النجاسة واحد.

وأما حديث عدي فهو مسوق؛ لأن قتله ذكاة لا لنجاسة ولا طهارة، ألا تراه قَالَ: "فكله". ولم يقل: اغسل الدم، ويجوز أن يكون تركه اكتفاء


(١) "بشرح ابن بطال" ١/ ٢٦٥ - ٢٦٦.
(٢) "صحيح مسلم" (٢٧٩/ ٨٩، ٩١) كتاب: الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب.