محالفته - عليه السلام - بين قريش والأنصار بالمدينة معروف يثبت بدعائه جواز المحالفة في الإسلام علي أمر الدين والتعاضد فيه على المخالفين، وقد سلف في كتاب الأدب ما يجوز من الحلف في الإسلام وما لا يجوز في باب: الإخاء والحلف فراجعه منه.
وكذلك وادي العقيق المبارك بوحي الله إلي رسوله وأن الله أنزل فيه بركة إحلال الاعتمار في أشهر الحج وكان محرمًا قبل ذلك على الأمم وأمره بالصلاة فيه؛ لبركته وليس ذلك مأمورًا به إلا في هذا الوادي الذي يقصده أهل الآفاق للصلاة فيه والتبرك به، وكذلك توقيته المواقيت لأهل الآفاق معالم للحج والعمرة ترفقًا من الله بعباده وتيسيرًا عليهم مشقة الإحرام من كل فج عميق، فهذِه بركة من الله في الحجاز موقوفة للعباد ليس في غيره من البلاد.
وجعل الله بطحاء العقيق المباركة مهلًا لرسوله ولأهل المدينة وهي آخر جزائر المدينة على رأس عشرة أيام من مكة، وغيرها من المواقيت علي رأس ثلاثة أيام من مكة فضل كبير لأهل المدينة بحمله -عَزَّ وَجَلَّ- عليهم من مشقة الإحرام أكثر مما حمل علي غيرهم وذلك لعلمه بصبرهم على العبادة واحتسابهم لتحملها، وكذلك صبرهم علي لأواء المدينة وشدتها حرصًا على البقاء في منزل الوحي ومنبت الدين؛ ليكون الناس في موازينهم إلي يوم القيامة كما صاروا إلى موازينهم بإدخالهم أولاً في
الدين؛ لما وضع فيهم أولا من القوة والشجاعة التي تعاطوا بها مفارقة أهل الدنيا وضمنوا علي أنفسهم نصرة نبيّ الهدي فوفى الله بضمانهم ونصرهم على أعدائهم، وتمت كلمة الله ودينه لهم فكانوا أفضل الناس؛ لقربه بهم وعلمه بأحواله وأحكامه وآدابه وسيره، ووجب لمن كان على مذاهب أهل المدينة حيث كان من الأرض نصيب وافر من بركة