للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أجاب الشافعي عن هذا الحديث في "الرسالة" فقال: لو كان في الاجتهاد خطأ وصواب في الحقيقة لم يجز أن يثاب على أحدهما أكثر مما يثاب على الآخرة لأن الثواب لا يجوز فيما لا يسوغ ولا في الخطأ الموضوع إثمه عنا (١).

وقال ابن الطيب: هذا الخبر يدل علي أن كل مجتهد [مصيب أولى وأقرب؛ لأن المخطئ لحكم الله والحاكم بغيره مع الأمر له به لا يجوز أن] (٢) يكون مأجورًا على الحكم بالخطأ بل أقصى حالاته أن يكون إثمه موضوعًا عنه، فأما أن يكون بمخالفة حكم الله تعالى مأجورًا فإنه باطل باتفاق، والشارع قد جعله مأجورًا، فدل ذلك علي أن هذا ليس بخطأ في شيء وجب عليه ولزمه الحكم به (٣).

ويحتمل أن يكون معناه: إذا اجتهد في الحكم والطلب للنص فأصابه وحكم بموجبه فله أجران: أحدهما: على البحث والطلب، والآخر: على الحكم بموجبه، وأراد بقوله: "إن حكم فأخطأ". أي: أخطأ الخبر بأن لم يبلغه مع الاجتهاد في طلبه ثم حكم باجتهاده المخالف لحكم النص كان مخطئًا للنص ومصيب لا محالة في الحكم؛ لأن الحكم بالاجتهاد عند ذلك فهو فرضه.

ولهذا كان يقول عمر - رضي الله عنه - عندما كان يبلغه الخبر: لولا هذا لقضينا فيه برأينا ولم يقل (له) (٤) أحد الصحابة: فلو قضيت فيه برأيك لو لم يبلغك الخبر لكنت بذلك عاصيًا، وَلمَ أردت أن تقضي بالرأي وهذا


(١) "الرساله" ص ٤٩٦.
(٢) ليست بالأصل، وأثبتناها من "شرح ابن بطال" ١٠/ ٣٨٣ لتكملة السياق.
(٣) السابق.
(٤) في الأصل: (به) والتصويب من "شرح ابن بطال".

<<  <  ج: ص:  >  >>