للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج من قال أن الحق في واحد بحديث الباب كما سلف، وهو نص علي أن [في] (١) المجتهدين والحاكمين مخطئًا ومصيبًا، قالوا: والقول بأن كل مجتهد مصيب يؤدي إلى كون الشيء حلالًا حرامًا وواجبًا وندبا، ويلزم الحاكم اعتقاد كونه حلالًا إذا رأى ذلك بعض أهل الاجتهاد وحرامًا إذا رأى ذلك غيره، وأن تكون الزوجة محللة محرمة والمال ملك الإنسان وغير ملك له، إذا اختلف في ذلك أهل الاجتهاد، واحتج من قال: كل مجتهد مصيب، فقالوا: اتفق الكل من الفقهاء علي أن فرض كل عالم الحكم والفتيا بما (أدله) (٢) الاجتهاد إليه، وما هو الحق عنده وفي غالب ظنه وأنه حرام عليه أن يفتي ويحكم بقول مخالفة، فلو كان في الأقاويل المختلف فيها ما هو خطأ وخلاف دين الله لم يجز أن تجتمع الأمة علي أنه فرض القائل به؛ لأن إجماعها في ذلك إجماع علي خطأ، وقد نهى الله عنه وشرع خلافه.

ولو جاز كون أحدهما مخطئًا؛ لأدى ذلك إلى أن الله أمر أحدهما بإصابة عين الباطل، وفي هذا القول تأدية إلا أن الله أمر بالباطل، وإذا فسد هذا مع كونه مأمورًا بالاجتهاد وجب كونه بفتواه ممتثلًا أمره وطائعا له ومصيبًا عند الله، فثبت أن الحق مع كل واحد منهما بدليل قوله تعالى: {لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: ٢٨]، ومع قيام الدليل على أن طاعة الباري إنما كانت طاعة لأمره بها، كما أن المعصية كانت معصية لنهيه عنها.


(١) من "شرح ابن بطال".
(٢) كذا في الأصل وفي "شرح ابن بطال": (أداه).

<<  <  ج: ص:  >  >>