وَقَالَ أَبُو اليَمَانِ: أنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنه سَمِعَ مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هؤلاء المُحَدِّثِينَ الذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لنَبْلُو عَلَيْهِ الكَذِبَ.
وهذا كان أخذه البخاري عنه عرضًا ومذاكرة.
ثم ساق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلَام، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تُصَدًّقُوا أَهْلَ الكِتَاب، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا: آَمَنَّا باللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ". الَايَةَ.
وحديث إبراهيم -هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إسحاق، مات سنة ثلاث وثمانين ومائة، ومولده سنة ثمان أو عشر ومائة- أَنَا ابن شِهَاب، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بن عبد الله، أَنَّ ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: كَيْفَ تًسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَاب عَنْ شَيْءٍ وَكِتَابُكُمُ الذِي أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْدَثُ، تَقْرَءُونَهُ مًحْضًا لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللهِ وَغَيَّرُوهُ، وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الكِتَابَ وَقَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ. لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً، أَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ؟ لَا والله مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا يَسْأَلُكُمْ عَنِ الذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ.
الشرح:
قوله في كعب:(وإن كنا لنبلو عليه الكذب) أي: لنختبر ما يحدثنا به، من هذا نحوًا من قول ابن عباس، قد بدَّل من قبله ولم يدر كعب، فوقع في الكذب. ولعل المحدثين كانوا كذلك إلا أن كعبًا أشد بصيرة