للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعرف كثيرًا مما يتوقي (١). وإنما قال: لا تصدقوهم ولا تكذبوهم، إذ قد يكون باطلاً فتصدقوا الباطل أوحقًّا فتردوا الحق.

وقول ابن عباس: (كيف تسألون أهل الكتاب). يريد لإخباره أنهم بدلوا كتابه علي أغراضهم، وكذلك كتموا آية الرجم، ولأنه كان في الصحف ولم يكن في صدورهم كالكتاب الذي أنزل الله علي نبينا.

وقوله: (ما رأينا رجلاً .. ) إلى آخره يريد: لئلا تخبروهم بما أنزل الله عنه من التبديل لكتابهم.

فصل:

قال المهلب: قوله: "لاتسألوا أهل الكتاب عن شيء" إنما هو في الشرائع لا تسألوهم عن شرعهم مما لا نص فيه من شرعنا؛ لنعمل به؛ لأن شرعنا مكتف بنفسه، ومالا نص عليه عندنا ففي النظر والاستدلال ما يقوم الشرع به، وإنما سؤالهم عن الأخبار المصدقة لشرعنا وما جاء به نبينا من الأخبار عن الأمم السالفة، فلم ينه عنه. فإن قلت: فقد أمر الله نبيه بسؤال أهل الكتاب، فقال تعالى: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: ٩٤] قيل: ليس هذا بمقيد لما تقدم من النهي عن سؤالهم؛

لأنه لم يكن شاكًا ولا مرتابًا، وقال أهل التأويل: الخطاب له والمراد به غيره من الشكاك كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١] تقديره: إن كنت أيها السامع في شك مما أنزلنا علي نبينا، كقولهم: إن كنت ابني فبرني وهو يعلم أنه ابنه.

فإن قلت: وإذا كان المراد بالخطاب غيره، فكيف يجوز سؤال الذين يقرءون الكتاب مع جحد أكثرهم للنبوة؟ ففيه جوابان: أحدهما: سل من


(١) ذكر ابن حجر في "الفتح" ١٣/ ٣٣٤ هذا القول وعزاه لابن التين.

<<  <  ج: ص:  >  >>