(٢) بل هي محبة حقيقية تليق بجلاله، وما ذكره المؤلف هنا في محبة الله تعالى هو ما عليه مذهب الأشاعرة؛ حيث ينفون هذه الصفة، وغيرها من الصفات، عن الله تعالى ويعطلونها، ويفسِّرونها إذا وردت في القرآن والسنَّة بلوازمها ومقتضياتها، من إرادة الثواب للعبد والعفو عنه والإنعام عليه كما فعل المؤلف، فينفون حقيقة صفة الله، ويحرفونها ويؤوِّلونها، بدعوى أنها توهم النقص في الذات العلية؛ لأن المحبة عندهم، هي: ميل القلب إلا ما يلائم الطبع، وهذا من صفات المخلوق، والله منزَّه عن ذلك الأمر الذي دعاهم إلى تأويل صفة المحبة، وحملها على الإرادة كما فعل المؤلف. والذي أوقع الأشاعرة في هذا الخطأ العقدي، هو قياسهم صفات الخالق على صفات المخلوق. ومن قواعد منهج السلف الصالح: أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أن ذات الحق لا تشبه ذوات الخلق، فكذلك صفاته ومن قواعدهم: أن القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر، فيثبت السلف جميع صفات الله، ويمرُّونها كما جاءت بما يليق بذاته العلِيَّة، ولا يُؤؤَلونها، ومنها: صفة المحبة. ويثبتون كذلك لوازمها من إرادة الله إكرام من يحبه وإثباته، فالله تعالى يُحِبُّ، ويُحَبُّ لذاته، وليس فقط لثوابه، كما قال: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤]. وتأويل الأشاعرة لصفة المحبة بالإرادة، إنما هو تحريف لحقيقة الصفة، وصرف لها عن وجهها الصحيح، ويقال لهم: إنَّ المعنى الذي صرفتم اللفظ إليه، هو نفس =