(٢) تَقسيم الصفاتِ إلى صفاتِ ذاتٍ وصفاتِ أفْعالٍ والمبالغة في الفصل بينهما اتُخذت وسيلة لتأويل بعض الصفات عند كثير من المتكلمين. وحجة القائلين بخلق القرآن أنهم يرون الكلام صفة ذات وليست صفة فعل. قال ابن تيمية في معرض رده على القائلين بخلق القرآن: قال أحْمد: كلام اللهِ مِنْ اللهِ ليْس بِبائِنٍ عنْه .. وأيْضًا فلوْ كان مخْلوقًا فِي غيْرِهِ لمْ يكنْ كلامه؛ بلْ كان يكون كلامًا لِذلِك المخْلوقِ فِيهِ وكذلِك سائِر ما وصف بهِ نفْسه مِنْ الإِرادةِ والْمحبّةِ والْمشِيئةِ والرِّضى والْغضبِ والْمقْتِ وغيْرِ ذلِك مِنْ الأَمورِ لوْ كان مخْلوقًا في غيْرِهِ لم يكنْ الرّبّ تعالى متّصِفًا بِهِ بلْ كان يكون صِفةً لِذلِك المحلِّ؛ فإِن المعْنى إذا قام بِمحلٍّ كان صِفةً لِذلِك المحلِّ ولمْ يكنْ صِفةً لِغيْرِهِ فيمْتنِع أنْ يكون المخْلوق أوْ الخالِق موْصوفًا بِصِفةٍ موْجودةٍ قائِمةٍ بِغيْرِهِ؛ لِأنّ ذلِك فِطْرِيٌ فما وصف بِهِ نفْسه مِنْ الأفْعالِ اللّازِمةِ يمْتنِع أنْ يوصف الموْصوف بِأمْرِ لمْ يقمْ بِهِ. وزعم بعضهم أنّ الفاعِل لا يقوم بِهِ الفِعْل وكان هذا مِمّا أنْكره السّلف وجمْهور العقلاءِ وقالوا لا يكون الفاعِل إلاَّ منْ قام بِهِ الفِعْل وأنّه يفرّق بيْن الفاعِلِ والْفِعْلِ والْمفْعولِ وذكر البخارِيّ فِي "كِتاب خلْقِ أفْعالِ العِبادِ" إجْماع العلماءِ على ذلِك. والّذِين قالوا إنّ الفاعِل لا يقوم بِهِ اَلفِعْل وقالوا مع ذلِك إنّ الله فاعِل أفْعالِ العِبادِ كأبِي الحسنِ وغيْرِهِ وأنّ العبْد لمْ يفْعلْ شيْئًا وإِنّ جمِيع ما يخْلقه العبْد فِعْلٌ له وهمْ =