للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمراد: برحمته تعالى: إرادته لنفع من سبق في علمه أنه ينفعه ويثيبه على أعماله فسماها رحمة (١).

والمراد بغضبه وسخطه إرادته لإضرار من سبق في علمه إضراره، وعقابه على ذنوبه، فسماها غضبًا وسخطًا (٢).

ووصف نفسه بأنه راحم ورحيم ورحمن وغاضب وساخط بمعنى أنه مريد لما تقدم ذكره، وإنما لم يعرف بعض العرب من أسماء الله تعالى أن أسماءه كلها واجب استعمالها ودعاؤه بها سواء؛ لكون كل اسم منها راجعًا إلى ذات واحدة وهو الباري تعالى وإن دل كل واحد منها على صفة من صفاته تعالى يختص الاسم بالدلالة عليها، وأما الرحمة التي جعلها الله في قلوب عباده يتراحمون بها فهي من صفات أفعاله، ألا تراه أنه قد وصفها بأن الله تعالى خلقها في قلوب عباده، وجَعْلُهُ


= يصِفونه بِالصِّفاتِ الفِعْلِيّةِ المنْفصِلةِ عنْه ويقسِّمون صِفاتِهِ إلى صِفاتِ ذاتٍ وصفاتِ أفْعالٍ مع أنّ الأفْعال عِنْدهمْ هِي المفْعولات المنْفصِلة عنْه فلزِمهمْ أنْ يُوصف بِما خلقه مِنْ الظّلْمِ والْقبائِحِ مع قوْلِهِمْ إنّه لا يوصف بِما خلقه مِنْ الكلامِ وغيْرِهِ فكان هذا تناقضًا مِنهمْ تسلّطتْ بِهِ عليْهِمْ المعْتزِلة. ولمّا قرّروا ما هو مِنْ أصولِ أهْلِ السّنّةِ وهو أنّ المعْنى إذا قام بِمحلِّ اشْتقّ له مِنْه اسْمٌ ولمْ يشْتقّ لِغيْرِهِ مِنْه اسْمٌ كاسْمِ المتكلِّمِ نقض عليْهِمْ المعْتزِلة ذلِك بِاسْمِ الخالِقِ والْعادِلِ فلمْ يجِيبوا عنْ النّقْضِ بِجوابِ سدِيدٍ. وأمّا السّلف والْأئِمّة فأصْلهمْ مطّرِدٌ. "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٢٩٧، ٣١٣.
(١) بل هي رحمة حقيقية تليق بجلاله.
(٢) أهل السُّنَّة يُثبتون صفاته سبحانه دون تأويل، ولا يعني اشتراكها مع صفات المخلوقين في المسمى أن ذلك تشبيه، فإن الاسم وإن اشتركَ في أصلِ مَعْنى الصفة، فإنه لا يدل على الاشتراك في الكيفية، ولا ريب أنَّ الكيفية التي يتضمنها الاسم في حقه -سبحانه وتعالى- تختلف عنها في حق الخلق كاختلاف ذات الله عن ذات خلقه تماما.

<<  <  ج: ص:  >  >>