للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: "على أذى سمعه" معناه: أذى لرسله وأنبيائه والصالحين من عباده؛ لاستحالة تعلق أذى المخلوقين به تعالى؛ لأن الأذي من صفات النقص التي لا تليق بالله تعالى؛ إذ الذي يلحقه بالعجز والتقصير على الانتصار ويصبر جبرًا هو الذي يلحقه الأذى على الحقيقة، والله تعالى لا يصبر جبرًا، وإنما يصبر تفضلا، فالكناية في الأذى راجعة إلى الله تعالى، والمراد بها أنبياؤه ورسله؛ لأنهم جاءوا بالتوحيد لله ونفي الصاحبة والولد عنه، فتكذيب الكفار لهم في إضافة الولد لله تعالى أذى لهم وردّ ما جاءوا به (١)، فلذلك جاز أن يضاف الأذى في ذلك إلى الله تعالى؛ إنكارًا لمقالتهم وتعظيمًا لها، إذ في تكذيبهمِ للرسل في ذلك إلحاد في صفته تعالى، ونحوه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٥٧] تأويله: إن الذين يؤذون أولياء الله وأولياء رسوله. ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه في الإعراب، والمحذوف مراد نحو قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] يعني: أهلها (٢).

فصل:

تضمن هذا الباب الرد على من أنكر أن لله تعالى صفة ذات هي قدرة وقوة؛ لاعتقادهم بأنه تعالى قادر بنفسه لا بقدرة، والله تعالى قد


(١) وهي أيضًا أذى لله بمعنى وصفه بما لا يليق به سبحانه، ولا يعني ذلك أن يصاب بضر نتيجة الأذى، تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا.
(٢) مسألة المجاز فيها تفصيل طويل، وقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَة} يفهم منه العربي أنه يسأل أهل القرية، فهو المعنى الظاهر من الكلام حتى لو سماه أهل اللغة مجازًا، فليس كل ما سموه مجازًا يخالف ظاهر القرآن، وهو المعنى المتبادر للذهن بمجرد سماع الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>