للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصواتهم، وروي عن عائشة - رضي الله عنها - كلمته المجادلة و (أنا) (١) قريب منه، فلم أسمعها، فنزل: {قَدْ سَمِعَ اللهُ} (٢).

فصل:

ومعني قوله: "فإنَّكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائبًا". نفي الآفة المانعة من السمع، ونفي الجهل المانع من العلم، وفي هذا القول منه دليل على أنه لم يزل سميعًا بصيرًا عالمًا، ولا يصح أضداد هذِه الصفات عليه تعالى.

وقوله: "قريبا" إخبار عن كونه عالمًا بجميع المعلومات لا يعزب عنه شيء، ولم يرد بوصفه بالقرب قرب المسافة؛ لأن الله تعالى لا يصح وصفه بالحلول في الأماكن (٣)؛ لأن ذلك من صفات الأجسام، والدليل على ذلك قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: ٧] معناه: إلا وهو عالم بهم وبجميع أحوالهم ما يسرونه وما يظهرونه.

ومعني حديث أبي بكر - رضي الله عنه - في الباب هو أن دعاء الله تعالى ما علمه الشارع يقتضي اعتقاد سميعًا لدعائه ومجازيًا عليه.


(١) في (ص ١): إني
(٢) رواه النسائي ٦/ ١٦٨، وابن ماجه (١٨٨)، (٢٠٦٣)، وأحمد ٦/ ٤٦.
(٣) ها هو الصواب من مذهب أهل السنة والجماعة، قال السعدي في تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: ١٨٦]: القرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه، وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق. اهـ وقال ابن عثيمين في "شرح الواسطية" ٢/ ٥١١: لا يلزم من قربه أن يكون في الأرض؛ لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته، وهو محيط بكل شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>