للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديثه أيضًا: قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإن ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكرتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شبرًا تَقَرَبتُ منه ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ منه بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".

الشرح:

معنى قوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} أي: إياه، تقول قتل نفسه أي: أوقع الهلاك بذاته كلها. وقيل: يحذركم عقابه.

وقوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} قال ابن الأنباري: أي تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في غيبك. وقال الزجاج: النفس عند أهل اللغة على معنيين: أحدهما: أن يراد بها بعض الشيء، والآخر: أن يراد بها الشيء كله، فالمعنى: تعلم حقيقتي وما عندي، والدليل عليه قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}، وقال غيره: تعلم غيبي ولا أعلم غيبك، وقيل: تعلم ما في نفسي ولا أعلم أنا ما فيها فأضاف نفسه إلى الله تعالى؛ لأنه خالقها (١).

وقال ابن بطال: ما ذكر في الآيتين والأحاديث من ذكر النفس، فالمراد به إثبات نفس لله تعالى. والنفس لفظ يحتمل معاني، والمراد بنفسه: ذاته، فنفسه ليس بأمر يزيد عليه تعالى، فوجب أن تكون نفسه هي هو، وهو إجماع وللنفس وجوه أخر لا حاجة بنا إلى ذكرها إذ الغرض من الترجمة خلاف ذلك (٢).


(١) انظر هذه الأقوال في "تفسير الماوردي" ٢/ ٨٨، "تفسير البغوي" ٣/ ١٢٢.
(٢) "شرح ابن بطال" ١٠/ ٤٢٧. وهذا هو الصواب كما سبق بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>