للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحكمة وظالِمًا فذلك من صفات المخلوقين، وإذا كان هذا أصلهم فإثبات الشفاعة على هذا الوجه لا معنى له، فبطل قولهم ولزمهم تسليم الشفاعة على الوجه الذي يقول به أهل السنة والحق، وهذا بين ولله الحمد (١).

فصل:

وقوله: ("ويذكر خطيئته التي أصاب") يحتج به من يجوز وقوع الصغائر منهم عليهم الصلاة والسلام، وقد قام الإجماع على عصمتهم في الرسالة، وأنه لا يقع منهم الكبائر، واختلفوا في جواز الصغائر عليهم، فأطبقت المعتزلة والخوارج على أنه لا يجوز وقوعها منهم، وزعموا أن الرسل لا يجوز أن يقع منهم ما ينفر الناس عنهم، وأنهم معصومون من ذلك وهذا باطل؛ لقيام الدليل من التنزيل، وحديث الرسول أنه ليس كل ذنب كفرًا، وقولهم: إن الباري -سبحانه وتعالى- يجب عليه عصمة الأنبياء من الذنوب (كي) (٢) لا ينفر الناس عنهم؛ بمواقعتهم لها. هو فاسد بخلاف القرآن له، وذلك أن الله تعالى قد أنزله وفيه متشابه مع سابق علمه أنه سيكون ذلك سببًا لكفر قوم، فقال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: ٧]، وقال تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} [النحل: ١٠١]، فكان التبديل الذي هو النسخ سببًا لكفرهم، كما كان إنزاله تعالى متشابها سببًا لكفرهم.


(١) "شرح ابن بطال" ١٠/ ٤٣٧ - ٤٣٩.
(٢) من: (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>