للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الخطابي: إطلاق الشخص في صفات الله غير جائزة لأن الشخص إنما يكون جسمًا مؤلفًا، وخليق أن لا تكون هذِه اللفظة صحيحة وأن تكون تصحيفًا من الراوي. ودليل (ذلك) (١) أن أبا عوانة رواه عن عبد الملك (٢)، فذكر هذا الحرف، وروته أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - مرفوعًا: "لا شيء أغير من الله" (٣)، ورواه أبو هريرة كذلك أيضًا (٤)، فدل ذلك على أن الشخص وهم وتصحيف. فمن لم ينعم الاستماع لم يأمن الوهم، وليس كل الرواة يراعون لفظ الحديث حتى لا يتعدوه، بل كثير منهم يحدث على المعنى، وليس كلهم فقهاء، وفي كلام آحاد الرواة منهم جَفاء، وتعجرف، وقال بعض كبار التابعين: نعم المرء ربنا لو أطعناه ما عصانا، ولفظ المرء إنما يطلق في الدين في المذكور من الآدميين فأرسل الكلام وبقي أن يكون لفظ الشخص جرى على هذا السبيل، إذ لم يكن غلظا من قبيل التصحيف (٥). ثم إن عبيد الله انفرد به عن عبد الملك، لم يتابع عليه فاعتوره الفساد من هذِه الوجوه، فدل على صحة ما قلناه (٦).


(١) من (ص ١).
(٢) رواه مسلم (١٤٩٩) كتاب: اللعان.
(٣) سبق برقم (٥٢٢٢)، ورواه مسلم (٢٧٦٢).
(٤) سبق برقم (٥٢٢٣).
(٥) انظر "الأسماء والصفات" للبيهقي ٢/ ٥٦ - ٥٧.
(٦) وتعقب الحافظ كلام الخطابي حول تضعيف رواية: "لا شخص" بقوله: وطعن الخطابي ومن تبعه في السند مبني على تفرد عبيد الله بن عمرو به، وليس كذلك، وكلامه ظاهر في أنه لم يراجع "صحيح مسلم" ولا غيره من الكتب التي وقع فيها هذا اللفظ من غير رواية عبيد الله بن عمرو. "الفتح" ١٣/ ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>