حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال:"إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمَّا قَضَى الخَلْقَ، كَتَبَ عِندهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي".
في "قضى" قولان: حكم بخلق ما خلق أو أعلم، لقوله تعالى:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الإسراء: ٤] أي: أعلمناهم، فكأنه أراد لما سبق في علمه وحكمه أنه يخلق ما يخلق، خلق كتابًا كتب فيه. بمعنى: أنه خلق فيه كتابة دالة على ما أراد أن يكون في المستقبل من الأوقات من الحوادث التي تحدث فيها، وهذا كما في الخبر الآخر:" إن أول شيء خلق الله القلم، ثم خلق اللوح فقال له: اجر بما هو كائن إلى يوم القيامة"(١).
و"فوق عرشه، قيل معناه: دونه استعظامًا أن يكون شيء من الخلق فوق العرش، واحتج قائله: بقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}[البقرة: ٢٦] أي: فما دونها، والذي قاله المحققون في ذلك: أن المعنى: فما فوقها في الصغر؛ لأن الغرض هنا الصغر، وقيل:(فوق) هنا زائدة كقوله: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ}[الأنفال: ١٢].
(١) رواه أبوداود (٤٧٠٠) كتاب: السنة، باب: في القدر، الترمذي (٢١٥٥) كتاب: القدر، باب: ما جاء في الرضى بالقضاء، وقال: غريب من هذا الوجه، الطيالسي ١/ ٤٧١ (٥٧٨)، البيهقي ١٠/ ٢٠٤ كتاب: الشهادات، باب: شهادة الأخ لأخيه، المزي في "تهذيب الكمال" ١٨/ ٤٥٦ - ٤٥٧ عن عبادة بن الصامت بلفظ يقاربه قال ابن حجر في "النكت الظراف" ٤/ ٢٦١: جاء عن علي بن المديني أنه قال: إسناده حسن. وصححه الألباني في "المشكاة" (١٦) والحديث له شواهد من حديث ابن عباس وابن عمرو وغيرهما.