من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مَن آمنَ باللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقامَ الصَّلَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ" الحديث.
فيه: تعلق للمعتزلة والقدرية القائلين: بأن الله واجب عليه الوفاء لعبده الطائع بأجر عمله وإنه لو أخره عنه في الآخرة كان ظالمًا له، هذا متقرر عندهم في العقول.
قالوا: وجاءت السنة بتأكيد ما في العقول من ذلك.
وقولهم فاسد، ومذهب أهل السنة: أن لله تعالى أن يعذب الطائعين من عباده، وينعم على الكافرين، غير أن الله سبحانه أخبرنا في كتابه على لسان رسوله أنه لا يعذب إلا من كفر به ومن وافى بكبيرة ممن شاء الله تعذيبه عليها.
فمعني قوله: ("كان حقًّا على الله") ليس على معنى أن ذلك واجب عليه؛ لأن واجبًا يقتضي موجبًا له، والله تعالى ليس فوقه آمر ولا ناه يوجب عليه ما يلزمه المطالبة به، وإنما معناه: إنجاز ما وعده من فعل ما ذكره في الحديث؛ لأن وعده تعالى عبده على فعل تقدم إعلامه به قبل فعله، ووعده خبر، ولا يصح منه تعالى إخلاف عبده ما وعده؛ لقيام الدليل على أن الصدق من صفات ذاته، فعبر - عليه السلام - في هذا المعني بقوله:"كان حقًّا على الله" بمعنى أنه يستحيل عليه (إخلاف)(١) ما وعد عبده على عمله.