للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من المحسنين، فسمى ذلك رحمة له؛ لكونه بقدرته وعن إرادته مجازًا واتساعًا؛ لأن من عادة العرب تسمية الشيء باسم مسببه وما يتعلق به ضربًا من التعلق، وعلي هذا سمى الله الجنة رحمة (فقال) (١): أنت رحمتي، فسماها مع كونها رحمة، إذ كانت حادثة بقدرته وإرادته تنعيم الطائعين من عباده (٢).

فصل:

واختصام الجنة والنار يجوز أن يكون حقيقة وأن يكون مجازًا، كما قال المهلب بأن يخلق الله فيها حياة وفهما؛ لقيام الدليل على كونه تعالى قادرًا على ذلك، أو على ما تقول العرب من نسبة الأفعال إلى ما لا يجوز وقوعها منه في تلك الحال، كقوله: امتلأ الحوض وقال: قطني، فالحوض لا يقول، وإنما ذلك عبارة عن امتلائه، أو أنه لو كان ممن يقول لقال ذلك، وقولهم: قالت الضفدع، وعلي هذين التأويلين يُحمل قوله تعالى: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: ٣٠] واختصامهما هو افتخار بعضهما على بعض ممن يسكنهما، فالنار تتكبر بمن ألقي فيها من المتكبرين وتظن أنها أبر بذلك عند الله من الجنة، وفي أصول البخاري: "وقالت النار" ولم يذكر القول، وزيد في بعض النسخ: "أوثرت بالمتكبرين" فادعى ابن بطال أنه سقط قول النار من هذا الحديث في جميع النسخ، وهو محفوظ (٣).

"وقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين" رواه ابن وهب عن


(١) من (ص ١)، وهي في الأصل: قالت. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) تقدم القول في إثبات صفة الرحمه لله -سبحانه وتعالى-، وانظر التعليق ص ١٨٦، ١٩١.
(٣) "شرح ابن بطال" ١٠/ ٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>