للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما قوله: ("كتب عنده أن رحمتي سبقت غضبي") فهو -والله أعلم- كتابه في أم الكتاب الذي قضى به وخطه القلم، فكان من رحمته تلك أن ابتدأ خلقه بالنعمة بإخراجهم من العدم إلى الوجود، وبسط لهم من رحمته في قلوب الأبوين على الأبناء من الصبر على تربيتهم ومباشرة أقدارهم ما إذا دبر مدبر أيقن أن ذلك من رحمته تعالى، ومن رحمته السابقة أنه يرزق الكفار وينعمهم ويدفع عنهم الآلام، ثم ربما أدخلهم الإسلام رحمة منه لهم، وقد بلغوا من التمرد عليه والخلع لربوبيته غايات تغضبه، فتغلب رحمته ويدخلهم جنته، ومن لم يتب عليه فقد رحمه مدة عمره بتراخي عقوبته عنه (١)، وقد كان له أن لا يمهله بالعقوبة ساعة كفره به ومعصيته له، لكنه أمهله رحمةً له، ومع ذاك أن رحمة الله السابقة أكثر من أن يحيط بها الوصف.

فصل:

قوله: ("لما قضى الله الخلق") أي: خلقهم وكل (صنعة) (٢) محكمة متقنة فهي قضاء، قاله أبو عمرو، ومنه {إِذَا قَضَى أَمْرًا} [آل عمران: ٤٧].

وقوله: ("فوق عرشه") قال بعض العلماء: فوق بمعنى: دون استعظامًا أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش، واحتج بقوله: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: ٢٦]. أي: فما دونها، وذكر غيره في فوقها قولين:

أحدهما: فما فوقها في الصغر؛ لأنه المراد من الكلام.


(١) من (ص ١).
(٢) من (ص ١) وفي الأصل: صفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>