للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: "كتب عنده فوق العرش"، وقال: "ثم يبعث الله إليه ملكًا فيؤذن بأربع كلمات يوحيها (الله) (١) إلى الملك، فيكتبها في أم الكتاب"، وقال: "فيسبق عليه الكتاب" بالقضاء المتقدم في سابق علمه، والكتاب يقتضي كلامًا مكتوبًا، ودل ذلك على أنه تعالى لم يزل عالمًا بما سيكون قبل كونه خلافًا لمن يقول أنه لا يعلم الأشياء قبل كونها، ووجه مشاكلة حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - للترجمة هو أن الذي ينزل به جبريل هو كلام الله تعالى ووحيه.

وكذلك قوله في حديث ابن مسعود: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} يريد: أن الروح خلق من خلقه تعالى خلقه بقوله: كن، و (كن) كلامه الذي هو أمره الذي لم يزل ولا يزال.

وقوله في حديث عبد الله - رضي الله عنه -: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] (فيه) (٢) دليل على أنه لا يبلغ حقيقة العلم بالمخلوقات فضلاً عن العلم بالخالق سبحانه، وأن من العلم ما يلزم التسليم فيه لله -سبحانه وتعالى-، ويجب الإيمان بمشكله، وأن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل المتشابه كما يزعم المتكلمون، إذ قد علمنا الله تعالى أن السؤال عن الروح ابتغاء ما لم نؤته من العلم، مع أنه تعالى وصف قلوب المتبعين ما تشابه منه بالزيغ وابتغاء الفتنة، ووصف الراسخين في العلم بالإيمان به، وأن كله من عند ربهم مستعيذين من الزيغ الذي وسم الله تعالى به من اتبع تأويل المتشابه، داعين إلى الله لا يزيغ قلوبهم بابتغاء تأويله بعد إذ هداهم إلى الإيمان به.


(١) من (ص ١).
(٢) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>