وربما قال: كلمات على سبيل التعظيم، وإنما هو في الحقيقة كلام واحد (١).
والآية الثالثة قوله:{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} خلق الأرض في يومين الأحد والإثنين، وخلق السماوات في يومين، وأوحي في كل سماء أمرها في ذينك اليومين، ودحا الأرض بعد ذلك في يومين، فانقضى الخلق يوم الجمعة.
وقوله:{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}[الأعراف: ٥٤] أي: ويغشي النهار الليل ثم حذف؛ لعلمِ السامع، أي: يدخل هذا في هذا وهذا في هذا.
وقوله:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}[الأعراف: ٥٤] ففرق بينهما، فدل أن كلامه غير مخلوق، وهو قوله: كن، وقيل: هو مثل قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)} [الرحمن: ٦٨]، وهذا ليس مذهب أهل السنة وهو قول المعتزلة.
وقيل المعنى: وتصريف الأمر ثم حذف، وقال النقاش: الخلق كل مخلوق، والأمر قضاؤه في الخلق الذي في اللوح المحفوظ، وقيل: الخلق والأمر الآخرة، ومعناه لله تعالى الدنيا والآخرة.
ومعني هذا الباب: الكلام لله تعالى صفة لذاته، وأنه لم يزل متكلمًا، ولا يزال، كمعنى الباب الذي قبله، وإن كان قد وصف الله تعالى كلامه بأنه كلمات فإنه شيء واحد لا يتجزأ ولا ينقسم، ولذلك يعبر عنه بعبارات مختلفة تارة عربية وتارة سريانية، وبجميع الألسنة
(١) هذا الكلام هو ما استقرت عليه الأشعرية أن كلام الله كلام واحدٌ وليس بصواب، وإنما اعتقاد أهل السنة والجماعة في ذلك أن هذِه المقالة لابد من تفصيلها كالتالي: أن كلام الله تعالى قديم النوع حادث الآحاد؛ لايزال متكلمًا، بما شاء، متى شاء. انظر: "شرح لمعة الاعتقاد" لابن عثيمين ص ٤٠.