للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

لا تعلق للقدرية في الآية المذكورة: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} أن القرآن مخلوق؛ لأن كلامه تعالى قديم قائم بذاته، ولا يجوز أن تكون صفة ذات القديم إلا قديمة، فالمراد بالإنزال: إفهام عباده (المكلفين) (١) معاني كتابه وفرائضه التي افترضها عليهم، وليس إنزاله كإنزال الأجسام المخلوقة التي يجوز عليها الحركة والانتقال من مكان إلى مكان؛ لأن القرآن ليس بجسم ولا مخلوق، والأفعال التي يعبر بها عن الأجسام كالحركة والانتقال من الأمكنة تستحيل على الله تعالى وعلي كلامه وجميع صفاته.

قال المهلب: وفي حديث البراء - رضي الله عنه - الرد على القدرية الذين يزعمون أن لهم قدرة على الخير والشر استحقوا عليها العذاب والثواب، لأمره - عليه السلام - من أوى إلى فراشه بالتبرؤ عند نومه من الحول والقوة والاستسلام لقدرة الله تعالى التي غلبه بها النوم، فلم يستطع دفعه، فلو كان يملك لنفسه نفعًا أو ضرًا لدفع عن نفسه النوم الذي هو موت، إن أمسك الله نفسه فيه مات أبدًا، وإن أرسلها بعد موته ساعة أو ساعتين جدد لها حياة، وكيف يملك الإنسان قدرة وقد أمره نبيه - عليه أفضل الصلاة والسلام - أن يتبرأ من جميع وجوهها في هذا الحديث.

ثم عرفك أن هذِه الفطرة التي فطر الله الناس عليها يجب أن تكون آخر ما يقوله المرء الذي حضره أول الموت؛ فيموت على الفطرة التي فطر الله الناس عليها خلقه، وإن أحياه (أصاب) (٢) بتبرئه إليه خيرًا، يريد: أجر الآخرة، وجزاه من رزق وكفاية وحفظ في الدنيا.


(١) في الأصل: (المتكلمين)، والمثبت من (ص ١).
(٢) في الأصل: (أحياه)، والمثبت من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>