للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وقوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: ("قامت الرحم فقال: مه") هو زجر وردع. وقال الداودي: أي: ما هذا المقام؟ ولعله يريد أنه استفهام بمعنى الإنكار، وقال الجوهري: مه: كلمة مبنية على السكون، وهو اسم يسمى به الفعل، ومعناه: اكفف؛ لأنه زجر فإن وصلت نونت تقول: مهٍ مه (١).

وقوله: ("فلما فرغ منه") أي: من الخلق.

وهذا الحديث لا تعلق فيه لمن يقول: يحدث كلامه تعالى من أجل أن الفاء في قوله (تعالى) (٢) "فقال": توجب في الظاهر كون قوله تعالى عقب قول الرحم، وذلك مقتض للحديث؛ لقيام الدليل على أنه تعالى لم يزل قائلًا قبل أن يخلق خلقه بما لا أول له، وإذا كان ذلك كذلك وجب حمل قوله تعالى على معنى كلامه الذي لم يزل به متكلمًا وقائلاً، وعلى هذا المعني يحمل نحو هذا اللفظ إذا أتى في الحديث، وقد يحتمل أن يكون تعالى يأمر ملكًا من ملائكته بأن يقول هذا القول عنه وأضافه إليه، إذ كان قول الملك عن أمره تعالى (له) (٣).

ويدل على صحة رواية من روي في حديث الشفاعة: "فأستأذن على ربي وأخر له ساجدًا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك" بترك إسناد القول إليه تعالى، جاءت هذِه الرواية في الباب بعده (٤).


(١) "الصحاح" ٦/ ٢٢٥٠.
(٢) من (ص ١).
(٣) من (ص ١).
(٤) تقدم مرارًا التنبيه على مثل هذِه التأويلات، وأنه لابد من إثبات الصفة على حقيقتها كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، دون تأويل أولى أعناق الكلام، وانظر تعليقنا ص ١٨٥ - ١٨٨، ٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>