للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ("وإليك حاكمت") قيل: ظاهره أنه لا يحاكمهم إلا إلى الله، ولا يرضي إلا بحكمه، قال تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: ٨٩]، وقال: {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} [الأنعام: ١١٤]، وقيل: كان - عليه السلام - عند القتال يقول: "اللهم أنزل الحق" ويستنصر.

وقوله: ("فاغفر لي ما قدمت وما أخرت") قيل: يحتمل ما قدم وأخر مما مضى، ويحتمل أن يريد بما قدم: ما مضي، وما أخر: ما يستقبل، ويكون ذلك من قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ} الآية: [الفتح: ٢] وكانت الأنبياء يستغفرون، وإن كان غفر لها؛ ليزدادوا رفعة في الدرجات.

فصل:

قوله: ("إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها سيئة حتى يعملها").

قيل: معنى الإرادة هنا مرور الفكر بذلك من غير استقرار ولا توطين نفس، هذا قول أبي الطيب أنه إن وطَّن نفسه على المعصية وعزم عليها بقلبه فهو مأثوم، وخالفه كثيرون من القدماء والمحدثين وأخذوا بظاهر الأخبار أنه لا شيء عليه حتى يعمل كما هو ظاهر الحديث هنا، والهم في الآية إما على مذهب القاضي، فيحمل ذلك على الهم الذي ليس بتوطين النفس أوعلى من يجوز الصغائر عليهم، وإما على طريقة الفقهاء فهو مغفور له غير مؤاخذ به إذا كان شرعه في ذلك كشرعنا، وقيل في الآية: إنه لم يهم (١).

وقوله: "وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة". يريد: إن إرادته لعملها عمل كترك السيئة هو عمل أيضًا.


(١) "إكمال المعلم بفوائد مسلم" ١/ ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>