للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففيه دليل على أن الإنسان لا يدخل الجنة بعمله كما قال - عليه السلام - (١)، وفيه أن الإنسان يدخل الجنة بحسن نيته في صفته؛ لقوله: ("خشيتك يا رب").

وفيه: أن من جهل بعض الصفات فليس بكافر خلافًا لبعض المتكلمين؛ لأن الهل بها هو العلم، إذ لا يبلغ كنه صفاته تعالى، فالجاهل بها المؤمن حقيقة. ولهذا قال بعض السلف: عليكم بدين العذارى، أفترى العذارى تعلم حقيقة صفات الله تعالى؟! وللأشعري في تأويل هذا الحديث قولان، كان قوله الأول: إن من جهل القدرة أو صفة من صفات الله (تعالى) (٢) فليس بمؤمن.

وقوله هو في هذا الحديث (إن) (٣) قدر الله علي أن لا يرجع إلى القدرة، وإنما يرجع إلى معنى التقدير الذي هو بمعنى التضييق، كما قال تعالى في قصة يونس: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: ٨٧] أي: أن لن نضيق عليه. ثم رجع عن هذا القول، وقال: لا يخرج المؤمن من الإيمان بجهله صفة من صفات الله تعالى قدرة كانت أو سائر صفات ذاته تعالى إذا لم يعتقد في ذلك اعتقادًا يقطع على أنه الصواب والدين المشروع.

ألا تري أن الرجل قال: "لئن قدر الله عليه ليعذبنه" فأخرج ذلك مخرج الظن دون القطع على الله تعالى [أنه] (٤) غير قادر على جمعه، إخراج خائف من عذاب ربه ذاهل به.


(١) سلف برقم (٥٦٧٣، ٦٤٦٣)، ورواه مسلم (٢٨١٦) من حديث أبي هريرة.
وسلف أيضًا برقم (٦٤٦٧)، ورواه مسلم (٢٨١٨) من حديث عائشة.
(٢) من (ص ١).
(٣) في (ص ١): ليس.
(٤) زيادة ليست بالأصل، يستلزمها السياق، مثبتة من "شرح ابن بطال" ١٠/ ٥٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>