قد قدمنا إثبات كلام الرب -جل جلاله- مع الملائكة المشاهدة له، وأثبت في هذا الباب كلامه مع النبيين يوم القيامة بخلاف ما حرمهم إياه في الدنيا لحجابه الأبصار عن رؤيته فيها، فرفع في الآخرة ذلك الحجاب عن أبصارهم، ويكلمهم على حال المشاهدة، كما قال - عليه السلام -: "ليس بينه وبينه ترجمان".
وجميع أحاديث الباب فيها كلام الرب -جل جلاله- مع عباده، ففي حديث الشفاعة قوله لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: ("أخرج من النار من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان") إلى قوله: ("وعزتي وجلالي لأخرجن منها من قال: لاإلله إلا الله") فهذا كلامه لرسوله بدليل قوله: ("فأستأذن على ربي") وفي بعض طرق الحديث: "فإذا رأيته أخر له ساجدًا"(١).
وكذلك قوله في حديث: آخر من يدخل الجنة، قوله تعالى له: ("ادخل الجنة، فيقول: رب الجنة ملأى) إلى قوله: ("لك مثل الدنيا عشر مرات")، فأثبت بذلك كلامه تعالى مع غير الأنبياء مشافهة ونظرهم إليه، وكذلك حديث النجوى يدنيه الله تعالى من رحمته وكرامته، ويقول له: "سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم" على الانفراد عن الناس.
وقد أوضحنا الكلام في النجوي في كتاب الأدب، في باب ستر المؤمن على نفسه، فراجعه.