للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

قد تقدم كلام الرب -جل جلاله- مع الأنبياء والملائكة، وفي هذا الحديث إثبات كلام الله تعالى مع أهل الجنة، (بقوله) (١): ("إن الله تعالى يقول .. ") الحديث. فإن قال قائل: إن في هذا الحديث ما يدل على وهنه وسقوطه، وهو قوله: ("أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا")؛ لأن فيه ما يوهم أن له أن يسخط على من صار في الجنة.

وقد نطق القرآن بخلاف ذلك، قال تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: ١٨٥]، وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} [الأنعام: ٨٢]، وأنهم خالدون في الجنة أبدًا، فكيف يحل عليهم رضوانه، وقد أوجبه لأهل الجنة بقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ} [البينة: ٨]، فيقال له: لما ثبت أن الله تفضل للعباد، وأخرجهم من العدم إلى الوجود، وأنعم عليهم بخلق الحياة وإدامة الصحة (والالتذاذ) (٢) بنعمه وكان له تعالى ألا يخرجهم ويبقيهم على العدم، ثم لما خلقهم كان له ألا يخلقهم أحياء (متلذذين) (٣)، وأن لا يديم لهم الصحة.

فكان تعالى في مجازاة المحسنين، وإنجاز ما وعدهم من إحسانه متفضلًا عليهم، ولم يجب عليه تعالى لأحد شيء يلزمه، إذ ليس فوقه تعالى مَن شرع له شرعًا وألزمه حكمًا، وللمتفضل أن يتفضل وألا يتفضل، كما أن له أن يُتعبد عبادة بلا جزاء ولا شكور


(١) في (ص ١): لقوله.
(٢) في (ص ١): الاستلذاذ.
(٣) في الأصل: (ملتذين)، والمثبت من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>