للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(تسخيرًا) (١) كسائر المخلوقات، وله أن يجازي مدة بمدة، ومدة العمل في الدنيا متناهية، فيقطع ما تفضل به من المجازاة على ما تفضل به عليهم من العمل والمعونة، وعلموا أن آدم - عليه السلام - كُلّف في الجنة باجتناب أكل الشجرة، فجاز عليه التكليف وجواز المعصية، فزاد الله سرورهم بأن آمنهم ما كان له أنْ يفعله فيهم، وَرَفَعه عنهم بالرضوان عنهم، وإسقاط التكليف لهم، وعصمهم من جواز المعصية عليهم، فلو عَبَدَ اللهَ العبدُ ألف سنة بعد تقدمِ أمرِهِ إليه، بذلك لَمَا وَجَبَ له عليه جزاءً على عِبَادَةٍ.

فكيف يجب له ثوابٌ وأقل نعمة من نعمه تستغرق جميعَ أفعاله التي يقرب بها إليه، فحلول رضوانه عليهم أَنْعم لنفوسهم من كل ما خَوّلهم في جناته تعالى فسقط اعتراضهم وصَحّ معنى الحديث.

فصل:

وأدخل حديث (الزارع) (٢) في الجنة (لتكليم) (٣) الله له، وقوله: ("دونك يا ابن آدم؛ فإنه لا يشبعك شيء") فإن ظن من لم ينعم النظر أن قوله: ("لا يشبعك شيء") معارض لقوله تعالى: {أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨)} [طه: ١١٨] فليس كما ظَنّ؛ لأن نفي الشبع لا يوجبُ الجوعَ؛ لأن بينهما واسطة الكفاية والشبع، وأكل أهل الجنة لا عن جوعٍ أصلاً؛ لنفي الله الجوع عنهم.

واخْتُلف في الشبع فيها، والصواب (أنه) (٤) لا يشبع؛ لأنه لو كان


(١) في (ص ١): سخرًا.
(٢) في (ص ١): الزرع.
(٣) في (ص ١): لتكلم.
(٤) في (ص ١): أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>