للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ: ثُمَّ أَيّ (١)؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ». [انظر: ٤٤٧٧ - مسلم: ٨٦ - فتح: ١٣/ ٤٩١].

ثم ساق حديث عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنه -: سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لله نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ". الحديث، وقد سلف غير مرة.

غرضه في هذا الباب إثبات الأفعال كلها لله -عَزَّ وَجَلَّ- كانت من المخلوقين خيرًا أو شرًّا فهي لله -عَزَّ وَجَلَّ- خلق وللعباد كسب (٢) ولا ينسب شيء إلى غير الله فيكون شريكًا له وندًا مساويًا (له) (٣) في نسبة القول إليه ونبه الله تعالى عباده على ذلك بقوله: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢] أنه الخالق لكم ولأفعالكم وأرزاقكم ردًا على من زعم من القدرية أنه يخلق أفعاله فمن علم أن الله خلق كل شيء فقدره تقديرًا، فلا ينسب شيئًا من الخلق إلى غيره، فلهذا ذكر هذِه الآيات في نفي الأنداد والآلهة المدعوة معه، فمنها ما حذر به المؤمنين، ومنها ما وبخ به الكافرين الضالين، ثم أثنى على المؤمنين بقوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: ٦٨] كما يدعو عبدةُ الأوثانِ الأوثانَ لترزقهم وتعافيهم، وهي لا تملك لهم ضرًا ولا نفعًا.


(١) في الأصل: أيّ.
(٢) إن فعل العبد فعل له حقيقة، ولكنه مخلوق لله تعالى، ومفعول لله، ليس هو نفس فعل الله، ففرق بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق، وإلى هذا المعنى أشار الطحاوي بقوله: وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد.
فأثبت للعباد فعلًا وكسبًا، وأضاف الخلق إلى الله تعالى، والكسب هو الفعل الذي يعود على فاعله منه نفع أو ضرر، كما قال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦]. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز ص ٤٤٨.
(٣) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>