للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه تعالى مما لا يليق به فعله من الإتيان والنزول والمجيء أن ذلك الفعل إنما هو منتسب إلى الملك المرسل كقوله: جاء ربك، والمجيء يستحيل عليه؛ لاستحالة الحركة والانتقال، كذلك استحال عليه القراءة المعلومة منه تثبيتًا؛ لأنها محاولة حركة أعضاء وآلات، ويتعالى الله عن ذلك وعن شبه الخليقة في قول أو عمل (١).

فصل:

وأما قوله: ("وأنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه") فمعناه: أنا مع عبدي زمان ذكره لي، أي: أنا معه بالحفظ والكلأ، لا على أنه معه بذاته حيث حل العبد.

ومعنى قوله: ("وتحركت بي شفتاه") تحركت باسمي وذكره لي وسائر أسمائه تعالى الدالة عليه؛ لا أن شفتيه ولسانه تتحرك بذاته تعالى إذ يحال حلوله في الأماكن ووجوده في الأفواه وتعاقب الحركات عليه.


(١) أهل السنة يثبتون لله تعالى مجيئًا وإتيانًا ونزولًا وغير ذلك من صفاته الفعلية التي هي صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا تقديرًا ولا احتمالاً؛ لأنه سبحانه ذكر ذلك عن نفسه وهو سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا من غيره وأحسن حديثًا فكلامه مشتمل على أكمل العلم والصدق والبيان، وأمر رابع وهو القصد والإرادة فالله -عَزَّ وَجَلَّ- يريد أن يبين لنا الحق وهو أعلم وأصدق وأحسن حديثًا. فذكر سبحانه عن نفسه في آيات كثيرة أنه يأتي ويجيء وأضاف الفعل إلى نفسه، فيكون الذي يجيء ويأتي هو نفسه -عَزَّ وَجَلَّ- وهذا أمر معلوم ومعنى مفهوم.
انظر: "شرح العقيدة الواسطية" لابن عثيمين ١/ ٢٣١ بتصرف. وانظر التعليق المتقدم ص ١٨٥ - ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>