للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وقوله: ("ليس منا من لم يتغن بالقرآن") قد سلف في فضائل القرآن الاختلاف في معناه، وحاصله ثلاثة أقوال:

أحدها: يجهر به كما ذكره هنا، وهو ظاهر؛ عملًا بقوله في الحديث الآخر: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به" (١).

ثانيها: يستغني به (٢).

ثالثها: ما حكاه الخطابي عن ابن الأعرابي قال: كانت العرب تولع بالغناء والنشيد في أكثر أحوالهم، فلما نزل القرآن أحب أن يكون القرآن سميرًا لهم مكان الغناء فقاله (٣).

وفيه: الحض على تحسين الصوت به، والغناء المأمور به هو الجهر بالصوت وإخراج تلاوته من حدود مساق الإخبار والمحادثة حتى يتميز التالي به من المتحدث تعظيمًا له في النفوس تحبيبا إليها.

فإن قلت: فإذا كان الغناء هكذا أفعندك (أن) (٤) من لم يحسِّن صوته بالقرآن فليس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

قيل: معناه من لم يستن بنا في تحسين الصوت به (٥)، ويرجع في تلاوته على ما حكاه ابن مغفل على ما يأتي (بعد) (٦)، فمن لم يفعل مثل ذلك فليس متبعًا لسنته، ولا مقتديًا به في تلاوته.


(١) سلف برقم (٥٠٢٣) بلفظ قريب منه، وسيأتي بلفظه في (٧٥٤٤).
(٢) ذكره البخاري عقب حديث (٥٠٢٣) من قول سفيان قال: تفسيره: يستغني به.
(٣) "أعلام الحديث" ٣/ ١٩٤٥.
(٤) من (ص ١).
(٥) كذا بالأصول، وتمام العبارة كما في "شرح ابن بطال" ١٠/ ٥٢٩: لأنه - عليه السلام - كان يحسن صوته به ويرجع في تلاوته على ما حكاه ابن مغفل …
(٦) في الأصل: به.

<<  <  ج: ص:  >  >>