للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

معنى هذا الباب: إثبات العلم لله تعالى صفة ذاتية؛ لاستواء علمه بالسر من القول كالجهر، وقد بينه تعالى في آية أخرى فقال: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ} [الرعد: ١٠]، وفيه دليل على أن اكتساب العبد من القول والفعل لله تعالى، ألا تري قوله: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣)} [الملك: ١٣]، ثم قال عقب ذلك: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٤].

(فدل أنه) (١) ممتدح بكونه عالمًا ما أسروه من قولهم وجهروا به، وأنه خالق لذلك منهم، فإن قال قدري زاعم أن أفعال العباد ليست خلقاً لله.

قوله: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك: ١٤] غير راجع بالخلق إلى القول، وإنما هو راجع إلى القائلين (فليس في الآية) (٢) دليل لكم على كونه تعالى خالقًا لقول القائلين.

قيل له: هذا تأويل فاسد؛ لأن الله تعالى أخرج هذا الكلام مخرج التمدح منه تعالى بعلمه ما أسروه من قولهم وجهروا به وخلقه لذلك مع خلقه دليلًا على كونه عالمًا به، فلو كان غير خالق له ومتمدحًا بكونه عالمًا بقوله وخالقا لهم دون قولهم لم يكن في الآية دليل على صحة كونه عالمًا بقولهم، كما ليس في عمل (العامل) (٣) ظرفًا من الظروف دليل على (علمه) (٤) بما أودعه فيه غيره، والله تعالى قد جعل خلقه


(١) في الأصل: وإنه.
(٢) في الأصل: في أنه لا.
(٣) في الأصل: العالم، والمثبت من ابن بطال، وهو المناسب للسياق.
(٤) في الأصول: عمله، والمثبت من ابن بطال، وهو المناسب للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>