للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من حجة أبي حنيفة أن المقروء يسمى قرآنًا وإن كان بلغة أخرى إذا بين المعنى ولم يغادر منه شيئًا، وإن أتى بما لا ينبئ عنه اللفظ نحو الشكر مكان الحمد لم يجز، واستدلوا بأن الله تعالى حكى قول الأنبياء (بلسانهم) (١) بلسان عربي في القرآن كقول نوح: {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا} [هود: ٤٢]، وأن نوحًا قال هذا بلسانه، قالوا: وكذلك يجوز أن يحكي القرآن بلسانه، وقال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ} [الأنعام: ١٩] فأنذر به سائر الناس، والإنذار إنما يكون بما يفهمونه من لسانهم، فقراءة أهل كل لغة بلسانهم حتى يقع لهم الإنذار به، وإذا فسر لهم بلسانهم فقد وقع الإنذار به، وإذا فسر لهم بلسانهم فقد بلغهم، وسمي ذلك قرانًا، وكذلك الإيمان يصح أن يقع بالعربية وبالفارسية.

وحجة (العلماء) (٢) غيرِه، قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: ٢]، فأخبر تعالى أنه أنزله عربيًّا، فبطل أن يكون القرآن الأعجمي منزلاً، ويقال لهم: أخبرونا إذا قرأ (القارئ) (٣) بالفارسية هل تسمى فاتحة الكتاب أو تفسيرها؟ فإن قالوا: الثاني. قلنا لهم: قد قال - عليه السلام -: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" (٤) ولم يقل: إلا بتفسيرها.

ألا ترى أنه لو قرأ تفسيرها بالعربية في الصلاة لم يجز؛ فتفسيرها بالفارسية أولى بأن لا يجوز، وقولهم: إن الله حكى قول الأنبياء


(١) من (ص ١).
(٢) في (ص ١): الفقهاء.
(٣) في (ص ١): الفارسي.
(٤) رواه البخاري (٧٥٦) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم، من حديث عبادة بن الصامت.

<<  <  ج: ص:  >  >>