للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي بلسانهم بلسان عربي في القرآن، كقول نوح السالف، وأن نوحًا قال هذا بلسانه فكذلك (يجوز) (١) أن يحكي القرآن بلسانهم.

فالجواب: أنَّا نقول ما نطقوا إلا بما حكى الله عنهم كما في القرآن، ولو قلنا ما ذكروه لم يلزمنا نحن أن نحكي القرآن بلغة أخرى؛ (لأنه) (٢) يجوز أن يحكي الله قولهم بلسان العرب، ثم يتعبدنا نحن بتلاوته على ما أنزله، فلا يجوز أن نتعداه، ويحتجون به أنه في الصحف الأولى، ومن قوله: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩] فأنذر به على لسان كل أمة، فالجواب: أن العرب إذا حصل عندها أن ذلك معجز وهم أهل الفصاحة، كان العجم أتباعًا لهم كما كانت العامة أتباعًا للسحرة في زمن موسى، وأتباعًا للأطباء في زمن عيسى - عليه السلام -، فقد تمكن العجم أن ينقلوه بلسان العرب.

وأما قولهم: إن الإيمان يصح أن يقال بالفارسية.

فالجواب: إن الإيمان يقع بالاعتقاد دون اللفظ؛ فلهذا جاز اللفظ بالشهادتين بكل لغة؛ لأن المقصود منه يحصل؛ إذ أصله التصديق بالشريعة، وإذا قرئ بالفارسية سقط المعجز الذي هو النظم والتأليف، (فإن قيل) (٣): إنهم (يجيزونه) (٤) بالفارسية إذا لم يقدر على العربية فينبغي ألا يفترق الحكم، قيل: إنما أُجيز للضرورة، وليس كل ما جاز في حال الضرورة يجوز مع القدرة، ولو كان كذلك لجاز التيمم مع وجود الماء، ولجاز ترك الصلاة مع القدرة؛ لأنه يسقط مع العذر، مع أننا لا نقول بجوازه والحالة هذِه.


(١) من (ص ١).
(٢) في الأصل: (لأنه لا)، والمثبت من (ص ١)، وانظر "شرح ابن بطال" ١٠/ ٥٤٠.
(٣) مكررة في الأصل.
(٤) في (ص ١): يجوزونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>