للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خامسها:

الحديث سبق لفضل المطعون في سبيل الله، وقد استنبطوا منه أشياء فيها تكلف منها: أن المراعى في الماء تغير لونه دون تغيير رائحته؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - سمى هذا الخارج من جرح الشهيد دمًا، وإن كان الريح ريح مسك، ولم يقل مسكًا، فغلب المسك؛ للونه على رائحته، فكذلك الماء ما لم يتغير طعمه، لم يلتفت إلى تغير رائحته.

وفيه نظر؛ لأنه ذكر وصفين من غير تغليب لأحدهما على الآخر.

ومنها: ما ترجم له البخاري، ويحتمل أن حجته فيه الرخصة كما سلف، أو التغليظ بعكس الاستدلال الأول، فإن الدم لما انتقل بطيب رائحته من حكم النجاسة إلى الطهارة، ومن حكم القذارة إلى التطيب بتغير رائحته، وحكم له بحكم المسك والطيب للشهيد، فكذلك الماء ينتقل إلى العكس، بخبث الرائحة وتغير أحد أوصافه من الطهارة إلى النجاسة، على أن القيامة ليست دار أعمال ولا أحكام، وإنما لما عظم الدم بحيلولة صفته إلى ما هو مستطابُ معظمُ عادة، علمنا أن المعتبر الصفات لا الذوات، ولما كانت الأحاديث في باب نجاسة الماء ليست على شرطه، استدل على حكم الماء المائع بحكم الدم المائع، وذلك المعنى الجامع بينهما.

فإن قُلْتَ: لما حَكَمَ للدم بالطهارة بتغير رائحته إلى الطيب، وبقي فيه اللون والطعم، ولم يذكر تغيرهما إلى الطيب، وجب أن يكون الماء إذا تغير منه وصفان بالنجاسة وبقي وصف واحد طاهر أن يجوز الطهور به؟