للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكيف يليق بلبيب أن يعمد إلى ما يتطهر من النجاسة ومما هو أيسر منها من الغبرات والقترات، فيبول في ماء راكد، ثم يتوضأ منه، فأول ما يلاقيه بوله الذي عزم على التطهر منه، وهو عكس للحقائق، وإخلال بالمقاصد، لا يتعاطاه أريب ولا يفعله لبيب، والحق واحد وإن تباعد ما بين طرفه، وسيأتي للبخاري ذكر حديث: "نحن الآخرون السابقون" في ترجمة قوله: "الإمام جنة يتقى به ويقاتل من ورائه" (١) أي: هو أولٌ آخرٌ، هو أول في إسناد الهمم والعزائم إلى وجوده، وهو آخر في (صور) (٢) وقوفه فلا ينبغي لأجناده إذا قاتلوا بين يديه أن يظنوا أنهم حموه، بل هو حماهم وصان بتدبيره حماهم هو، وإن كان خلف الصف، إلا أنه في الحقيقة جنة أمام الصف، وحق الإمام أن يكون محله من الحقيقة الأمام (٣). هذا آخر كلامه، وفيه أمران:

أولهما: قوله: كما قيل: أن همامًا راويه تبع فيه ابن بطال (٤)، وقد سلف رده.

ثانيهما: ما ذكره من المطابقة من أن الشيء إذا أدخلته آخرًا يخرج أولًا، إنما يأتي في الأشياء الكثيفة الأجرام أما المائع، فإنه سريع الاختلاط، ودخول بعضه في بعض.

ثالثها:

معنى "نحن الآخرون": آخر الأمم، "والسابقون": إلى الجنة يوم القيامة.


(١) سيأتي برقم (٢٩٥٧) في الجهاد والسير، باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقي به.
(٢) هكذا في الأصل، وفي "المتواري": أنها (صورة).
(٣) "المتواري" ص ٧٣، ٧٤.
(٤) "شرح ابن بطال" ١/ ٣٥٣.