للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثانيها: أن هذا قبل ورود الأحكام، وأنه لم يكن تعبد بتحريمه إذ ذاك كالخمر، حكاه الخطابي (١)، وهذا قد أسلفناه في أواخر غسل المني وفركه.

ثالثها: سلمنا نجاسته كما هو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وآخرين، فإزالة النجاسة ليست واجبة، وقد قَالَ به أشهب والأوزاعي وجماعة من التابعين تنزلنا وسلمنا أيضًا، فقد فرَّق بين ابتداء الصلاة بها، فلا يجوز وبين طروئها على المصلي في نفس الصلاة فيطرحها عنه، وتصح صلاته، حكاه القرطبي (٢) ومشهور مذهب مالك قطع طروئها للصلاة إذا لم يمكن طرحها بناء على أن إزالتها واجبة. وروى ابن وهب عن مالك أنه إذا أمكن طرح الثوب النجس في الصلاة يتمادى في صلاته ولا يقطعها (٣)، وقد أسلفنا هذا في أول الباب عنه.

رابعها: وهو ما ارتضاه النووي -رحمه الله- أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم ما وضع على ظهره، فاستمر في سجوده استصحابًا للطهارة، وما ندري هل كانت هذِه الصلاة فريضة، فتجب إعادتها على الصحيح عندنا، أم غيرها، فلا يجب؟ فإن وجبت الإعادة فالوقت موسع لها، وإن كان يبعد ألا يحس ما وضع على ظهره، ولئن أحس به فما تحقق نجاسته (٤).

قَالَ ابن بطال: ولا شك أن هذا كان بعد نزول قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤]، لأن هذِه الآية أول -أي: من أول- ما نزل عليه


(١) السابق.
(٢) "المفهم" ٣/ ٦٥٣.
(٣) انظر: "الذخيرة" ١/ ١٩٤.
(٤) "شرح مسلم" ١٢/ ١٥١.