للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قول أشهب وجماعة عن مالك أن غسل الجمعة يجزئه عن الجنابة، وهو خلاف رواية ابن القاسم (١).

ووجهه المهلب: بأن الشارع لما اجتزأ بغسل أعضاء الوضوء عن أن يغسلها مرة أخرى عن الجنابة دل أن الطهارة إذا نُوي بها رفع الحدث أجزأت عن كل معنى يراد به الاستباحة.

ولهذا الحديث -والله أعلم- قَالَ عطاء: إذا غسلت كفيَّ قبل إدخالهما الإناء لم أغسلهما مع الذراعين في الوضوء.

قَالَ: وفي هذا الحديث أيضًا حجة لأحد قولي مالك في رجل توضأ للظهر وصلى، وأراد أن يجدد الوضوء للعصر، فلما صلاها تذكر أن الوضوء الأول قد انتقض، فقال مالك: تجزئه صلاته. وهو الصواب؛ لأن الوضوء عنده للسنن يجزئ به صلوات الفرائض، وقال مرة: لا يجزئه.

ومثل هذِه المسألة اختلاف ابن القاسم وابن الماجشون فيمن صلى في بيته، ثم صلى تلك الصلاة في المسجد، فذكر أنه كان في الأولى على غير وضوء، فقال ابن القاسم: يجزئه.

وقال ابن الماجشون: لا يجزئه. والصواب الأول (٢)، بدليل هذا الحديث؛ لأنه وإن كان صلاها على طريق الفضيلة فإنه نوى بها تلك الصلاة بعينها، والقربة إلى الله تعالى بتأديتها، كما نوى بغسل مواضع الوضوء القربة إلى الله تعالى، ولم يحتج إلى إعادتها في الغسل من الجنابة.


(١) "المنتقى" ١/ ٥٠.
(٢) انظر "النوادر والزيادات" ١/ ٣٢٧.